التربية الضعيفة

“1” style=”color:#7A8DBC;background-color:#7A8DBC” />

vv:

التربية الضعيفة

مقياس أدب الطفل في البيت أن لا يتحرك من مكانه، ولا يمد يده إلى شيء ولا يسأل عن أمر، ولا ينطق بكلمة، وإذا ذهب إلى نزهة بقي في جانب أمه.

ينام حينما تشير عليه أمه بذلك، وإذا ذهبت به إلى دار جيرانه أو أقاربه، فلا يلعب مع رفقائه بل يبقي ساكناً قربها. هو طوع أوامرها المجحفة التي لا تطاق، ورهن أشارتها الباغية التي لا تحتمل، يأكل ما يريده الأبوان ومتى يشاءان!.

هذا هو الطفل المهذب بنظر أكثر الآباء، أما الولد الذي يحب اللعب على الدوام ويمد يده إلى كل شيء ليفحصه ويختبره، ويسأل دائماً عما يجري حوله، وإذا خرج إلى نزهة وتسلق الأشجار وجر العجلات ورغب في السباحة وصيد السمك، وإذا ما اجتمع برفقائه نصب نفسه عليهم قائداً وقام بصحبتهم ببعض الألعاب والمغامرات، أو فك آلة من الآلات ليختبر ما فيها وكيف صنعت..

نعم إن فعل الطفل كل هذا أو بعضه كان شيطاناً بنظر الآباء والأمهات وهم لو أنصفوا وكانوا على درجة بسيطة من الثقافة لبدلوا مفهومهم الخاطئ المقلوب، ولحكموا على الطفل الأول بأنه مريض أو مجذوب، وعلى الطفل الثاني بأنه نشيط ونابغة.

هذا ما يجري عندنا وفي بيوتنا، أما في الغرب فالأمر على عكس ذلك، فإن الآباء إذا لمسوا جموداً من طفلهم أسرعوا إلى الطبيب لفحصه وإلى الخبير النفسي ليروا رأيه فيه، وإذا خلي من المرض يضع له برنامجاً جديداً في الحياة وينصح أبويه ببعض الأمور ويدعوهم إلى وضع الألعاب والأدوات الجديدة أمامه ليرغب في اللعب فيها أو اختبارها وفكها وتركيبها. وقد يذهب الغربيون إلى أكثر من ذلك فيخصصون للطفل غرفة مستقلة به يضع فيها ألعابه وأدواته ويقوم بالأعمال التي يريدها على مشهد أبويه وأحياناً لتشجيعه، وفي هذه الغرفة يتلقى الطفل أول مبادئ الحرية الاستقلالية.

الآباء عندنا لا يعرفون معنى اللعب وقيمته ويعتبرونه مضيعة للوقت ومجلبة للضرر، لذلك يحولون بين الطفل وبين ألعابه على الدوام. وما دروا أن لهذا اللعب فوائد كثيرة جسمية وعقلية واجتماعية، فإذا لعب الطفل قوي جسده ونما، وتفتح ذهنه وازدهر، وفي اللعب يتصل الولد برفقاء جدد ويتعرف بهم ويتعاون معهم ويطيع نظام اللعب وأصوله فينشأ اجتماعياً.

أفسحوا مجال اللعب- أيها الآباء- أمام أطفالكم وقدموا لهم الألعاب الجديدة من حين إلى آخر ليتقدَ نشاطهم، والعبوا معهم من حين لآخر فقد ورد في الأثر: " من كان له ولد فليتصاب له" . وكان عليه الصلاة والسلام يداعب أطفال المؤمنين، ويهتم بهم، وقد مات عصفور لأحدهم فذهب لدار أبيه لتعزيته، وكان هذا الرسول العظيم يضع الأدوات اللازمة أمام السيدة عائشة لما كانت صغيرة لتصنع منها العرائس المعروفة والحيوانات التي ترغب في

.

المراجع محمود مهدي الاستانبولي، نحو أسرة مسلمة، ص 58-59.

_________________________________
فيصل الحربي (أبو عبدالله)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.