“1” style=”color:#7A8DBC;background-color:#7A8DBC” />
بدأ مصطلح (الذكاءات المتعددة) يشيع في الأوساط التربوية بعد أن نشر( هوارد جاردنر) كتابة أطر العقل عام 1983 , والذي أشار فيه إلى أن كل إنسان يمتلك عددا من الذكاءات , والتي هي مجموعة من المهارات التي تمكن الفرد من حل المشكلات التي تواجهه , وقد كانت نظريته هذه ثورة على الاعتقاد الذي استمر فترة طويلة من الزمن , وهو أن الإنسان لدية ذكاء واحد , هو المعامل العقلي أو نسبة الذكاء , ويقاس باختبارات الذكاء التي تعبر عنها المعادلة: العمر العقلي على العمر الزمني وضرب الحاصل في مائة .
وقد ركزت هذه الاختبارات على بعض قدرات التعلم, خاصة القدرات اللغوية والمنطقية الرياضية.
ومما يميز نظرية (جاردنر) أن كل نوع من أنواع الذكاءات يعتبر مستقلا عن الأنواع الأخرى , ويمكن تقوية الضعف الكامن في أي نوع منها عند أي فرد , وتركز هذه النظرية على أن الناس لا يتعلمون كلهم بطريقة واحدة , لاختلاف قدراتهم واهتماماتهم , ومن ثم فإنهم لا يقوّمون جميعا بطريقة واحدة, بل بمجموعة من استراتيجيات التقويم .
وبناء على هذه النظرية تتضح رغبة التربويين في أهمية إشراك الطلبة في اختيار الطرق التي تناسبهم في التعلم , والتركيز على مبادئ ( تفريد التعليم), والفروق الفردية , ومن ثم مساعدة الطالب في اختيار وظيفته المستقبلية , وليس أن يجد الطالب نفسه بعد فوات الأوان , في عمل لا يتفق مع ذكائه الغالب .
واللافت للنظر أن معظم مدارسنا, إن لم يكن كلها, ما زالت تعلم الطلبة بالطرق القديمة الضحلة, على شكل محاضرات تلقينية جافة ومملة, من خلال كتب مدرسية واحدة للجميع, بعيدا عن رحابة عصر المعلوماتية, وسرعة الحصول على المعلومة, وتعدد مصادرها.
أما نظرية الذكاءات التي ساعدت في رفع أداء المعلمين, وتحسين مردودية التعليم في الدول الغربية , فإنها تقترح ثماني طرق مختلفة للتعلم , وتزداد هذه الطرق بزيادة عدد الذكاءات, والتي وصلت إلى أكثر من ثلاثين, هذه الطرق مثل: تعليم الكلمات باستخدام الذكاء اللغوي للطالب , وتعليم الأعداد من خلال الذكاء المنطقي الرياضي , وتعليم الصور بالذكاء المكاني , وتعليم المقامات بالذكاء الموسيقي .
هذا لا يعني بحال من الأحوال أن المعلم سوف يستخدم هذا العدد الكبير من الأساليب في كل حصة, بل إنه ينظر في الإمكانات المتاحة جميعها, وأنماط الطلبة, وطبيعة المادة, ثم يحدد الاستراتيجيات الملائمة للتدريس في حصته , ويبدع هو وطلابه أنشطة لكل نوع من أنواع الذكاءات التي اختاروا طرقا لها , والتحدي بالنسبة للمعلمين هو الكشف عن ذكاءات الطلبة, ومساعدتهم على التعلم المثمر الفعال .
وقد حدد (جاردنر) ثمانية أنواع رئيسة من الذكاءات, سأبينها وأربطها بنظرات متنوعة لتعليم مختلف , تتغير فيه نظرة المعلمين لطلابهم :
1- الذكاء اللغوي : هو القدرة على إنتاج اللغة, واستخدامها بطلاقة للتواصل, وتبادل الأفكار والمعلومات, والحساسية للفروق بين الكلمات وترتيبها وإيقاعاتها .
المتعلمون الذين يتفوقون في هذا الذكاء, يحبون القراءة والكتابة ورواية الأحاديث والنكات والحكايات وتذكر الأسماء, ويتعلمون بشكل أفضل عن طريق القراءة والكتابة والحوار والنقاش.
2- الذكاء المنطقي الرياضي: هو القدرة على فهم واستخدام الأرقام بفاعلية, وكذلك قوة الاستنتاج والتصنيف, يتفوق أصحاب هذا الذكاء في إجراء العمليات الحسابية, والتجارب العلمية, وألعاب التفكير.
3- الذكاء الجسمي الحركي : هو استعمال الجسم لحل المشكلات بمهارة , أصحابه يتفوقون في الأنشطة البدنية, والحركية كالرياضة, واستخدام حركات الجسد, للتعبير عن الأفكار والمشاعر, وتقليد حركات الآخرين, وإتقان الأنشطة اليدوية عموما .
4- الذكاء البصري المكاني: هو القدرة على التخيل والتفكير عن طريق التصور, والقدرة على استخدام الفراغ أو الفضاء, وأصحابه يتعلمون أكثر من خلال الصور الملموسة والذهنية, يحبون الرسم, والتجميل, والجمال, والتصميم, ويمتازون بأحلام اليقظة, والتخطيط على الورق ( الخربشة ), وتذكر الأماكن والوجوه.
5- الذكاء الاجتماعي: هو قدرة الإنسان على العمل بفاعلية مع الآخرين وفهمهم وملاحظة مشاعرهم ومزاجهم واحتياجاتهم. المتعلمون الذين لديهم ذكاء اجتماعي يحبون العمل الجماعي, وحب الحوار, ولعب دور الزعامة والقيادة, والوساطة, والتفاوض وإعطاء النصائح للآخرين والصداقة معهم, والانتماء للنوادي والجمعيات.
6- الذكاء الذاتي: هو تمحور الشخص حول ذاته, وفهمه لها, وحب العمل بمفرده, وفهم أهدافه وانفعالاته, والتعامل مع مشاعره بوعي, ويمتاز المتعلمون الذين لديهم هذا الذكاء بالثقة في النفس, والاعتماد على الحوافز والأحاسيس الداخلية.
7- الذكاء الموسيقي: هو الإحساس بالمقامات الموسيقية وتأثيرها العاطفي, أصحابه يتذكرون الألحان ويحسون جيدا بالأصوات المحيطة بهم وجرسها وإيقاعها.
8- الذكاء الطبيعي : هو القدرة على تصنيف الأشياء الطبيعية من نباتات وجمادات وحيوانات . الأذكياء طبيعيا يحبون البيئة ويهتمون بمشكلاتها , ويتعلمون أكثر عن طريق الرحلات والمخيمات والمتاحف وأنشطة الطبيعة المختلفة .