“1” style=”color:#7A8DBC;background-color:#7A8DBC” />
لقد كانت بدايات التعليم الخاص بالمملكة من خلال الجهود الفردية ، مع استهلال العقد السابع من القرن الرابع عشر الهجري ، فقد تحمس بعض أبناء هذا الوطن من المكفوفين لتعلم طريقة برايل فأتقنوها ، ثم بذلوا جهدهم المشكور لنشرها ، حتى أن صحيفة البلاد السعودية قد أفردت تحقيقاً صحفياً حول ما أسمته بإمكانات القراءة والكتابة بالخط النافر ، وكيف يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتعليم وتثقيف المكفوفين ، وقد أجرى التحقيق وقتها – عبد الله العريف – يرحمه الله عام1373 هـ .
وبدأ ذلك النفر المتحمس السعي بجهد فردي لإقناع بعض الجهات التعليمة بغية تبني طريقة برايل وتيسيرها للمكفوفين ، وكانت الاستجابة مع حلول عام 1377 ، حيث وافقت المعاهد العلمية والكليات على فتح فصول مسائية ملحقة بكلية اللغة العربية بشارع سلام بالرياض ، والتحق بالفصول مكفوفون ومبصرون للدراسة بها حتى فتحت وزارة المعارف ( مدرسة جبره ) في الفترة المسائية كمقر لتعليم المكفوفين وتدريبهم على طريقة برايل وذلك عام 1378هـ .
وما كان لهذا كله أن يكون معلماً من معالم الانطلاقة التعليمية لذوي الحاجات الخاصة لولا فضل الله ثم مناخ الأمن والأمان الذي بسط ظلاله على ربوع مملكتنا الغالية بعد أن لم شتاتها وجمع أمرها على كلمة سواء – جلالة الملك عبد العزيز بن عبدا لرحمن آل سعود ، ذلك الرجل الفذ الذي تنطق كل المعالم الحضارية العملاقة في رجاء هذه البلاد باسمه ، وتترنم الجبال بصدى دعوة الحق إلي رفع لواءها ، وثبت في الوديان والسهول أركانها ، فبقيت على مر الأعوام ملحمة جهاد ، يرويها الأجداد للأحفاد ، ثم سار على دربه أبناؤه البررة من بعده حاملين راية البناء والتعمير في مجالات الحياة ومن أهمها قطاع التربية والتعليم والذي كان الفضل في تبني قضيته وإبراز مكانته وخصوصاً ، التعليم الخاص منه ، يعود بعد الله لقائد مسيرتنا وراعي نهضتنا وصاحب اليد الطولي في إرساء معالم التقدم والازدهار والرخاء ، خادم الحرمين الشرفيين الملك فهد بن عبد العزيز ( يرحمه الله ) كأول وزير لأول وزارة معارف تشهدها المملكة العربية السعودية .
لقد كان التعليم بالنسبة لهذا الرجل شغله الشاغل ، وهمه الدائم ، وقضيته ذات الأولوية على ماسوها .
وقد تفضل جلالة الملك سعود – رحمه الله – خلال عام 1378هـ بزيارة فصول تعليم طريقة (برايل ) بمدرسة جبره المسائية المذكورة آنفاَ ، وذلك للاطلاع عن كثب على سير التعليم بهذه الطريقة ، وكان ذلك عل أثر انتشار خبر الطريقة الجديدة وذيوع صيتها ، وتبرع جلالته بمقر دائم للمدرسة كان يقع في حي الظهيرة آنذاك ، وبدأت وزارة المعارف وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين (يرحمه الله ) وزيرها الأول – بدأت تتأكد جدوى الطريقة ، فمنحت المدرسة دعماً مالياً وعملت على توفير بعض الوسائل الخاصة بالخط النافر ( مركز المعلومات الإحصائية والتوثيق التربوي بوزارة المعارف 1406هـ ) .
وقد شكلت تلك الأجواء البداية الحقيقية وحجر الأساس لإرساء التربية الخاصة بمراحلها المختلفة ، وفي ظل وزارة المعارف بقيادة خادم الحرمين الشرفيين حملت التربية الخاصة اسم ( التعليم الخاص ) وتم إحداث أول معهد لتعليم المكفوفين بالعاصمة الرياض عام 79/ 1380هـ (59/60م) كان يضم آنذاك خمسة فصول ابتدائية وثلاثة فصول مهنية ، يدرس فيها أربعون طالباً من المكفوفين أطلق عليه اسم (معهد النور بالرياض ) ليكون أول شهادة علمية على الرعاية الكريمة لمقام وزير المعارف الأول والاهتمام المدروس بالفئات الخاصة في بلادنا الحبيبة ، وقد بذلت حكومة المملكة جهوداً جبارة لتوفير الإمكانات المادية والفنية ، كما سهرت على تطوير التعليم الخاص ودعمه وتنويعه ليشمل خدمة المعوقين على اختلاف فئاتهم .
كان تأسيس إدارة التعليم الخاص عام 1382هـ (1962م) بغية تقديم الخدمات التعليمية والمهنية والاجتماعية لفئات ثلاث هي : المكفوفين والصم وفئة ذوي الإعاقة العقلية ، وكان ذلك من خلال القرار الوزاري رقم 2385في 19/11/1382هـ الذي حدد مسئولية إدارة التعليم الخاص تجاه مدارس المكفوفين وعهد إلى الإدارة نشر هذا النوع من التعليم حسب مقتضيات المصلحة وتوسيع نشاطها ليشمل الصم وغيرهم ، ونصت ديباجة القرار على أن إنشاء تلك الإدارة من مقتضيات المصلحة العامة للعناية بفئة من المواطنين تحتاج إلى رعاية خاصة أثناء فترة التعليم .
وقد تلا ذلك إنشاء المزيد من معاهد النور ، كمعهد النور بمكة المكرمة (1382هـ ) ، وبعنيزه بنفس العام وبالهفوف عام (1382هـ) ، وللكفيفات بالرياض (1384هـ ) ، بالمدينة المنورة والقطيف (1387هـ ) ، ثم ببريده (1388هـ) ، وقد ضمت هذه المعاهد فصولاً للمرحلة الابتدائية ، وأقساماً مهنية ( قبل أن تنقل تبعية تلك الأقسام لاحقاً إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية ) كما ضمت هذه المعاهد فصولاً للمرحلة المتوسطة في أغلبها ، وضم بعضها فصولاً للمرحلة الثانوية .
وواكب ذلك إنشاء معهدي الأمل للصم بالرياض عام (1384هـ) للبنين والبنات ثم آخرين عام (1391هـ) بمدينة جدة ، ضمت جميعاً فصولاً للمرحلتين التحضيرية والابتدائية ، ثم افتتح معهدان متوسطان للبنين والبنات بالرياض عام (1392 -1393 هـ ) وتم افتتاح معهدين للتربية الفكرية للبين والبنات لفئة الإعاقة العقلية من القابلة للتعلم وفي عام (1392هـ) تم تطوير إدارة التعليم الخاص لتصبح ( المديرية العامة لبرامج التعليم الخاص ) بموجب القرار الوزاري رقم 40/36/4/61 في عام 1392هـ .
وتم تحديد تبعيتها إلى وزارة المعارف المساعد لشئون التعليم العام ، وانبثق عنها ثلاث إدارات بموجب القرار الوزاري رقم 40/36/674 في 4/7/1394هـ ، وهي إدارة تعليم المكفوفين وإدارة تعليم الصم ، وإدارة التربية الفكرية ، مزوده بمجموعة من الموجهين المتخصصين ( كما كان يطلق عليهم في ذلك الوقت ، وجهاز للسكرتارية ، وفي عام 1404هـ أطلق على المديرية اسم ( الأمانة العامة للتعليم الخاص ) بموجب التوجيه السامي الكريم رقم 3189/في 22/10/1404هـ ، وقد ضمت هذه الأمانة نفس الإدارات الثلاث سالفة الذكر ، وأنيط بها التخطيط لبرامج التعليم الخاص ، كما ضمت قسما للمطابع ، يقوم بطبع الكتب الدراسية وكذلك هيئة فنية من الخبراء التربويين المتخصصين للقيام بمهمة التوجيه التربوي في المعاهد ، وإعداد الدراسات والأبحاث الخاصة بتطوير تلك المعاهد وبرامجها .
ثم صدر قرار معالي وزير المعارف رقم 1590 في 11/10/1405هـ والذي تضمن تعديلات وتنظيمات للوضع القائم ، لتؤول تبعية الأمانة العام للتعليم الخاص لوكيل الوزارة مباشرة ، وبعدها صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 131 في 13/10/1413هـ ، بنقل اختصاصات معاهد التعليم الخاص للبنات للرئاسة العام للتعليم البنات .
تلا ذلك صدور قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 177 في 20/11/1416هـ يضم المكتب الإقليمي للجنة الشرق الأوسط لشئون المكفوفين إلى وزارة المعارف وسعودته ، وتوحيد نشاطه مع أوجه نشاط الأمانة العامة للتعليم الخاص ، فانتقل مقر الأمانة المذكورة من مبنى الوزارة إلى مبنى المكتب الإقليمي ( سابقا ) بحي السفارات .
في ظلال الذكرى المئوية لتأسيس المملكة العربية السعودية
للدكتور / ناصر بن علي الموسى
المشرف العام على التربية الخاصة