“1” style=”color:#7A8DBC;background-color:#7A8DBC” />
عبدالعزيز أب لإبن يبلغ الثامنة عشر من عمره، وقد عاد الأب ذات يوم من عمله التاسعة مساء وكان ابنه لا يزال خارج المنزل، ولما سأل عنه كانت أمه لا تعرف عنه شيئا سوى أنه خرج يذاكر مع بعض أصدقائه، بقي الأب حائرا أكثر من ساعتين ينتظر عودة ابنه وقد جرب الاتصال ببعض من توقع أن يجده معهم دون فائدة. وفي ذروة هذا المشهد وقمة الترقب والحيرة يدخل الابن من باب المنزل ليجد جميع أفراد الأسرة في انتظاره ويبادره أبوه بالسؤال : فينك يا ولد متأخر إلى هذه الساعة ؟ هذا السؤال يمكن أن نقولبه بعدة قوالب بناء على معرفتنا بوظائف العقل المتعددة كالآتي :
· ينهض الأب ويتجه نحو ولده ويسأله بصوت معتدل في الارتفاع وبنبرة تدل على القلق والخوف على هذا الأبن المتأخر ويضيف إلى الجملة ( ياء الملكية ) فينك يا ولدي متأخر إلى هذه الساعة ؟ ثم يأخذ ولده ويضمه. { استخدمنا هنا صورة الأب المتلهف لرؤية ابنه، تغيير طفيف يضفي جو الأبوة الحانية على الجملة بإضافة ياء الملكية، نبرة صوت الأب القلق الخائف على ابنه }
· بينما الابن يدخل من باب المنزل، يسأله الأب وهو جالس في مكانه : فينك يا ولد …. متأخر إلى هذه الساعة ؟ وهو في هذه المرة يطرح السؤال بنبرة فيها تهكم واتهام ويرسل نظرة يتطاير منها الشرر إلى الابن بينما نظرته تتجه من الأسفل إلى الأعلى. { استخدمنا هنا صورة الأب المتهم لابنه، عدم وجود ياء الملكية في العبارة يعطي انطباع التباعد بين الاب وابنه كما لو كان هذا الأب يريد أن يتبرأ منه، نبرة صوت الأب فيها الكثير من رسائل الشك والاتهمام وتقطيع العبارة ( الوقفة والتنهد بعد كلمة يا ولد …) يزيد من حدة هذا المعنى }
· وفي المشهد الثالث والأكثر حدة يندفع الأب نحو ابنه قائلا : فينك يا ولد متأخر إلى هذه الساعة ؟ ثم يعاجله بضربة من يده على وجه الابن. { وهنا تبرز رسالة جديدة يفهمها الابن من خلال حركة الأب السريعة التي تحمل رسالة الغضب، وكلماته الجافة التي تفهم من سرعة طرح السوال وعدم انتظار إجابة وما يتبع ذلك من الضرب }
هذا المثال يوضح لنا كيف أن بناء الرسالة بطريقة فنية تستفيد من وظائف الصوت والصورة تؤدي إلى تغيير معنى الرسالة بشكل حاد وجذري. فرسائلنا التي نتبادلها ستصبح أكثر فاعلية لو أننا شحناها بالعواطف الجياشة من خلال الاستخدام الأمثل لهذه الوظائف التي أودعها الله تعالى في كياننا.
منقول