تخطى إلى المحتوى

الإشراف التربوي عالة أم ضالة؟

“1” style=”color:#7A8DBC;background-color:#7A8DBC” />

الإشراف التربوي عالة أم ضالة؟
عبد العزيز بن عبد الرحمن اليوسف

لا شك أن التربية تزرع بالتعليم، ولا يحصد العلم إلا بالتربية وبين هذا وذاك، الإشراف عليهما من ذوي الخبرة.
وفي مجال التعليم لدينا خصصت إدارات كبيرة للإشراف على العمليات التعليمية والتربوية في أماكن التعليم والدراسة كالمدارس والمعاهد. ولا شك ان الإشراف عملية مكملة تعنى بملاحظة ومتابعة وضبط أدوات العملية التربوية والتعليمية. كما ان النتائج المأمولة، والمخرجات المتوقعة تكون أكثر نضوجا، وفائدة ولولا وجود الإشراف لما كان هناك ضبط وتحكم فاعل في التعليم.
المهم ذكره ان نوعية الإشراف الذي تتداوله وزارة التربية والتعليم في مدارسها هو إشراف تربوي وهذا بحسب مسمى إدارات الإشراف فهي تسمى إدارة الإشراف التربوي وليس الإشراف التعليمي فنوعية الإشراف هي تربوية ومجالها أماكن التعليم ولا أعلم لم تسمى بإدارة الإشراف التربوي حيث ان منسوبي تلك الإدارة هم من يشرف على البيئة التعليمية واخص هنا المعلمين ويعني ذلك انه لا بد ان تكون إدارة للإشراف على المعلمين والوكلاء والمدراء لا ان المشرف يتابع ويهتم بتتبع ما يقوم به هؤلاء ولا يبالي بمسألة العملية التربوية المتعلقة حقا بالتربية والمشرف يطالب بما يحضره المعلم ويفكر فيه لانجاز عمله بلا انتباه لمجمل العملية التعليمية ومن ضمنها التربية والإنتاجية فمعلم ملتزم بتحضيره خير من معلم ملتزم بتدريسه ومجتهد في تعليمه ومبتكر في تعامله مع الطلاب.. يقول احد المشرفين: لا أتخيل ان ادخل مدرسة وأقابل معلما دون ان يحدث أمران أولهما ان أحظى بجديد وفكرة جديدة منه وثانيهما ان أجد عليه شيئا لكي أمارس إشرافي عليه مما يحقق لي إشباعا في ذلك.
وكم من المشرفين بحثوا عن الأخطاء ليصطادوها ويلبسوها ثيابا اكبر من مقاسها والعجيب ان المشرف لو يأتي مرات عدة للبحث عما هو جديد من الملاحظات عن المعلم قبل ان يفكر في الإفادة وأحيانا يكون الخطأ لدى بعض المشرفين فلا يوجد معلم بدون أخطاء ولكن يوجد مشرف بدون أخطاء. يقول احد المعلمين: نبهني احد المشرفين ان تحضيري ناقص غير مكتمل واتى على زميلي في نفس مجالي وأعجب بتحضيره على ان تحضيرنا مقتبس من موقع واحد على النت.
لا أنكر أهمية الإشراف والتوجيه والإرشاد لأن ذلك من مقومات الإدارات الناجحة ولكن لا بد من ضوابط حقيقية خالية من التشتت والتخبط لكي يتم اختيار المشرف الحقيقي الذي يفيد المعلم حقا ولا يبحث عند المعلم الاستفادة فقط، فكم من المشرفين أصبحوا أدوات نقل لخبرات المعلمين فيما بينهم فيأخذ المشرف فكرة هذا المعلم وينسبها كتوجيه خاص منه لمعلم آخر في مكان أخر، وكما يوجد إشراف على المعلم لا بد ان يوجد رقابة على المشرف وتتبع أعماله وخططه وأفكاره وإنتاجيته. ومن الضوابط التي لا بد ان تكون عند اختيار المشرف المناسب لبيئة التعليم في بلادنا هي مدة الخدمة العملية في مجال التعليم فكم من المشرفين لا تتجاوز سنوات خبرتهم ثلاثا أو أربعا وبقدرة قادر، أو محسوبية أحيانا يكونون مشرفين على أساتذة لهم. وسنوات الخبرة ضرورة طبيعية وواقعية لكي يكون المعلم مشرفا ولا يعني التقييم هو المقياس الحقيقي والوحيد مع بعض الاختبار الهش معيارا حقيقيا. وهناك أمر آخر وهو العجيب الغريب ان المعلم هو من يبحث عن ترشيح نفسه عن طريق تعبئة استمارات توزع على المدارس من قبل إدارات التعليم وهذا دليل واضح على جهل تلك الإدارات بالمعلمين الكفاءات خبرة وتميزا وكان من المفترض ان الترشيح يأتي من قبل الإدارة لعلمها ومعرفتها بمعلميها الأكفاء. كم من المعلمين الذين لبثوا سنوات عدة وأصبحوا خبرات تعليمية مميزة وادارت التعليم تغض النظر عنهم ويظهر أنها تجهلهم أو تتجاهلهم أو الاثنتين. إن طول المدة في مجال التعليم يصقل المعلم ويضيف له خبرة ودراية ونضوجا في استيعاب وتخطيط عمليات التعليم والتدريس وطرقهما بجانب الضوابط الأخرى كقياس القدرات، وتقييم سجل المعلم وأدائه خلال سنوات عمله حيث ان ما يتم الآن من اختيارات تعد اختيارات غير مضبوطة، وغير عادلة، وغير ناضجة فليس من المعقول ان يتم اختيار مشرف أمضى ثلاث سنوات أو أربعا مقابل ان يتجاهل معلم أمضى عشرين سنة عن الضوابط الواقعية والعادلة التي تسهم في رفع كفاءة الإشراف التعليمي كما ان الرقابة على الإشراف، والاهتمام والحرص من قبل الإدارة على تقديم المشرفين لخطط وبرامج وأفكار جيدة يجعل عملية الإشراف متقنة، ويجعل المشرف فاعلا وليس صائدا للأخطاء أو معدوم الإنتاجية ولا يكون عالة على المعلم ويكون الإشراف مهزوزا فاشلا.
آخر القول لا بد من إعادة النظر في مسألة الإشراف واختيار وتفعيل المشرف لا تكرار الأخطاء في الاختيار ونفش الروتينية والتعقيد والبرود في أرجاء أماكن الدراسة فمن الإشراف الجيد يتواصل العطاء فيكون المعلم الجيد ثم الطالب الجيد.
Azizz22@hotmail.com

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.