تخطى إلى المحتوى

شكراً … يا وزارة التربية والتعليم

“1” style=”color:#7A8DBC;background-color:#7A8DBC” />

شكراً … يا وزارة التربية والتعليم

بقلم الدكتور/ عبد الله بن سافر الغامدي
إدارة تعليم جده

فإنه لشرف عظيم ، ذلك العمل الجليل الذي يكون فيه الفرد مع الناشئة داخل معاقلهم، يسعى فيه إلى تربيتهم وتوجيههم، ويبذل جهده في تعليمهم وتنويرهم، لا يبتغي من أحد تقديراً، ولا يرجو من غيره جزاء ولا شكوراً، بل هدفه الأسمى ابتغاء ما عند الخالق سبحانه وتعالى ؛ من نعيم دائم لا ينفد ، وثواب مستمر لا ينقطع.
وكلنا يعلم أن النفس الإنسانية في حاجة مستمرة إلى تحقيق قدر من النجاح والتفوق في مجالات مختلفة ، وأن تشعر دائماً باضطراد تفوقها وإنجازها في محيط عملها، فكان لغالب القطاعات الحكومية والأهلية حوافز ومحفزات، وترقيات وامتيازات؛ تغري وتثري العاملين فيها للمنافسة الشريفة ، والعمل الدؤوب؛ فهذا أستاذ الجامعة يترقى في عمله حتى يصل إلى درجة الأستاذية ، وذاك جندي يترقى في وظيفته من خلال الرتب العسكرية، إلا أن أحوال العاملين في قطاع التربية والتعليم ينطبق عليها القول المشهور : مكانك سر ، إذ لا يجدون في عملهم رقياً ولا ارتقاء ، بل يعيشون في هم لا ينتهي ،واحتراق لا يتوقف، وضغوط لا تنقطع.
فمن كان يرثي قلبه لمعذب فأجدر شخص بالرثاء المعلم
على كتفيه يبلغ المجد غيره فما هو إلا للتسلق سلــــــم
أما سمعتم ذلك القول الفظيع من أحد مديري التعليم في اجتماعه بالمشرفين والمرشدين؛ حيث قال" سنعيد المشرف الكسول والمرشد المهمل للعمل معلماً"، فإن صدق ؛ فمن سيكون ضحايا ذلك الكسول، وذاك المهمل يا ترى؟!! ومن سيدفع لذلك ثمناً ؟!! وهل في تدريس الطلاب عقاب!!!
أرأيت أعظم أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولاً
وماذا يقول المرء أمام القرارات المحبطة للتطلعات، والمعيقة للنجاح والتقدم ، فهذا قرار وزارة التربية والتعليم الأخير والمجحف في إعادة أكثر من ألفي مشرف ومرشد طلابي إلى العمل في تدريس المواد الدراسية ، بحجة وجود عجز في الميدان، وعدم قدرة الوزارة على تأمين احتياجاتها من خريجي الجامعات، الذين نجدهم هائمين هنا وهناك في البحث عن وظيفة تلائم مؤهلاتهم وقدراتهم ، وهاهم خريجو (18) كلية للمعلمين قد ضربوا في مقتل ، وقد اعتذرت عن توظيفهم هذه الوزارة بحجة اختبار الكفايات ، وهي التي صاغت نظامها ، وبنت مناهجها، وجاءت بأساتذتها ، ولو شاءت الوزارة احتضنتهم، وزادت من تأهيلهم حتى تستفيد منهم، فمن يصنع الجيل القادم سوى أبناء هذا البلد المبارك، والذي يرفل في نعيم وأمن دائمين ـ فضلا من الله تعالى ـ ، ولا حجة لمقصر أو مهمل ، كما أشار بذلك الملك عبدالله بن عبدا لعزيز (حفظه الله تعالى) بعد إعلان الميزانية للعام الحالي.
ولك أن تعجب من خطط الوزارة ، فبالأمس أعطت المناطق التعليمية الصلاحيات في ترشيح المشرفين ، وفق ضوابط موضوعة ، ومحكات مقررة ، ومعايير معتبرة ، ثم هي بقدرة قادر تلزم بإعادة المئات من المشرفين للعمل كمعلمين ، فهل أولئك المقرر إعادتهم إلى الميدان كان وجودهم بسبب خطأ ارتكبته الوزارة أم المناطق التعليمية ، أم لخلل حدث منهم في عملهم ،أم هو التدوير الوظيفي ليس إلا!!! ، وعلى أي أساس تم تحديد أولئك!!! هل كان الضابط هو المؤهل العلمي والتخصص الفني ؟ أم كان المحك هو الجودة العملية والتقارير الفنية ؟ أم إن اختيارهم كان يعتمد على العلاقات والمحسوبية، والمزاج والأهواء الشخصية؟!!!
إنً ما أخشاه أن يكون لدى الوزارة في عصرها الحالي خطة جديدة تعيدها إليها البيروقراطية والروتين، والذي ولاشك سيعيق سيرها ، ويحد من تطورها.
وكيف لوزارة مؤتمنة على فلذات الأكباد ، يعلم رجالها أهمية التوجيه والإرشاد في مدارسنا ، ثم يضرب هذا العمل بإعادة المئات من المعلمين المكلفين بالإرشاد إلى مهام التدريس ، في حين نطالب ولمدة ربع قرن هو عمر الإرشاد في مدارسنا ؛ أن يعملوا على تسديد العجز القائم في مدارسنا من المرشدين ، وقد أضاعوا بقرارهم هذا جهود سنوات بذلت في تدريبهم وتأهيلهم ، وماذا ستصنع مدارسنا التي تركت بدون مرشد طلابي مع أبنائها الطلاب ومشاكلهم السلوكية والانفعالية ، من يتولى رعاية الطلاب المتفوقين والمتأخرين دراسياً وغيرهم من الفئات الطلابية التي تظهر حاجتها للإرشاد ، من يعالج تلك التشوهات الفكرية ، والتصورات غير المنطقية التي توجد لدى بعض أبنائنا الطلاب ، من سيساهم في تلبية مطالب نموهم واحتياجاتهم الإرشادية، من ينفذ البرامج التوجيهية والمهنية ، ومن يوثق العلاقات مع أولياء الأمور، من ومن ……..، بل وماذا تتوقعون من معلم ابتعد عن ميدان التدريس ومهاراته والمادة العلمية، هل سيتمكن من ممارسة التدريس بنجاح؟
كما لي أن أتساءل: هل عجزت الوزارة الوقورة أن تحل مشاكلها المتخمة ، حتى تبدأ بالعاملين معها؟ انظروا إلى المناهج المدرسية التي تتعرض كل يوم لرمي السهام ، والأخذ والرد، فلا نجد من وزارتنا الموقرة رداً ولا إيضاحاً ولا بياناً، وهاهو موضوع تحسين أداء المعلمين وتطوير قدراتهم يراوح مكانه والحال كما كان ، وهاهي المباني المستأجرة نحشر فيها أبناءنا، ثم نطالبهم فيها بحب التعلم والتعليم ، والسعي للإبداع والتجريب ، ولا أدري هل تعلم الوزارة القديرة أن العاملين في مدارسنا يتسولون من أولياء الأمور والقطاع الخاص تأمين متطلباتها التعليمية ، واحتياجات الصيانة الضرورية!!!.
إنني أتمنى من الوزارة العزيزة على قلوبنا، وقد صمتت شهوراً في عصرها الجديد ؛ أن تسعدنا بقرار يرفع المعنويات، ويشجع العطاءات، ويثري القدرات، ويزيل العقبات،لا أن تفاجئنا بقرار يفسد الأجواء، ويضيع الجهود ، ويخلخل الميدان ، كما نتمنى أن تبذل قصارى جهدها في تحقيق الأمل المنشود في تلك الحكمة التي اتخذتها الوزارة في عصرها السابق:
" وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ، ووراء كل تربية عظيمة معلمون مخلصون واعون مقتدرون متميزون".

وفق الله الجميع للصلاح والإصلاح ، إنه جواد كريم.
Saffeir@hotmail.com

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.