تخطى إلى المحتوى

سلسلة حلقات ( يوميات معلم مُرهق,بقرارات مُرهـِقة)

“1” style=”color:#7A8DBC;background-color:#7A8DBC” />

هذه سلسلة حلقات من ( يوميات معلم مُرهق,بقرارات مُرهـِقة)

الحلقة الأولى:
((كيف تكون مشرفاً تربوياً ناجحاً؟))

ليس مهمة الإشراف التربوي بالصورة التي نتصورها , فهي مهمة ليست سهلة وأكبر بكثير من مهمة التدريس في الميدان أمام التلاميذ فكونها إدارية إلا أنها تجمع بين الاثنتين معاً , ولقد تطورت كي تساير تطور التعليم وتسير وفق منظور طردي معه فكانت سابقاً تسمى( التفتيش) وينعى بالمفتش وهذا دلاله على الجمع بين المركزية والميدانية , وبما أن التسمية كانت خاطئة أو أنها كانت تصلح لذلك الزمن الغابر إلا أنها من المصطلح التربوي لا تنفع أن تكون بهذه الصفة التي تحمل في معناها مهمة التنقيب عن أخطاء الآخرين في الميدان التربوي , والتركيز على الجانب السلبي وتهميش الجانب الإيجابي للمعلم بالذات , فأصبح المعلم فريسة سهلة للمفتش الذي اتخذ من هذا المنصب فرصة للرفع من مكانته إدارياً فقام يسرد السلبيات لمعلم الأمس ,,ولكن يبقى مع ذلك متقن لما يقوم به سواء وُكـّـل بذلك العمل أم لا فهو وإن أبدى سلبيات إلا أن لديه ما يبرر به موقفه منها , فيكون دائماً على حق,,,
بعد ذلك تم ترقية هذا المفتش إلى ( موجه تربوي) فأفقده شيئاً ثميناً وغالياً وهو مسمى التفتيش , ولكن كان مدركاً لهذا المسمى حيث كان به الكثير من المصطلحات التربوية وفيه إشارة واضحة وصرحية , وهو الرقيّ بالتعليم إلى الأفضل فليس التسلط يجني من الشوك العنب وكان الهدف موحد بين الجميع ووجهات النظر متقاربة فكان الكيف قبل الكم ,وكان الالتقاء بين المعلمين والموجهين أكثر من المفتشين , وعرف المعلم ماذا يريد منه الموجه , وأدرك دور الموجه , فهو توجيهي أكثر من أن يكون البحث عن الذات في ميادين المعلمين , إلا أنه كان أقل بكثير في كفاءته من المفتش الملم بكثير من جوانب التعليم الإدارية والتربوية , فكان الكثير من المفتشين قد بلغوا من العمر عتيا مما جعل خبراتهم وتجاربهم الميدانية أكثر نضوجاً من الموجهين , وكانت هيبته أكثر لدى المعلمين فهـو بالطبع أكثر ثقافة وإلماماً من أي معلم في الميدان , بعد ذلك تطور المسمى لذلك الجزء الهام في التعليم فأصبح المسمى ( المشرف التربوي ) ولكن لم يتطور فيه غير المسمى فالمشرف الآن أقل خبرة من الموجه والمفتش , بل وأقل خبرةً من معلم الميدان , لا نقول إنه لا يحمل الشهادات بل حصل على شهادات تربوية وجامعية إلا أنه يقوم بالإشراف على مواد لم يقوم بتدريسها في الميدان ,وإن كان درس تلك المواد فهو لم يستوعبها جيداً حيث لا تكفي خبرة ثلاث أو خمس سنوات في اكتشاف جوانب القوة والضعف في المنهج الدراسي , ولا تكفي لمعرفة أفضل الطرق لتوصيل المعلومة لطالب اليوم
ولا تكفي لكيفية التعامل مع طالب المعلومات المتدفقة عليه من كل حدب صوب , فلو استمر هذا المشرف في الميدان فترة لا بأس بها لأكتشف الكثير من عيوبه ولأدرك أن طلاب الثلاث سنوات من تدريسه هم مجرد حقل تجارب استفاد منهم كثيراً ,أكثر مما هم استفادوا ,ولو عاد من مهمته الإشرافية إلى مجال التدريس مرة أخرى سيكون أكثر خبرةً من السابق حيث استفاد كثيراً من تجارب وخبرات المعلمين الذين كان يزورهم ميدانياً فأكتسب الطرق الموصلة للمعلومات منهم وتبين له أنه كان عيباً من عيوبه أنه سلك الإشراف من أول فرصةً أتيحت له وأكتشف أنه كان محل سخرية الكثير ممن كان يزورهم والذين هم أخفوها عليه وجامله الكثير على حساب نفسه سوف يكتشف ذلك الخطأ الفادح الذي اتخذه بحق نفسه ,, ويتضح من خلال ضعف قدرات المشرفين التربوية ميدانياً أنهم كانوا ينظرون إلى الإشراف بأنه مهمة إدارية , إذاً عاد التعليم إلى الوراء ولم يتقدم ,إلا أن الفرق شاسع بين الأمس واليوم فبالأمس كان المفتش يجمع بين التربية والإدارة فهو واثقاً يقف كالجبل الشامخ لا يخشى سباع الميدان بينما المشرف اليوم لا يستطيع الوقوف كثيراً أمام سبع الفصل أو سبع المادة الذي يتفنن في اختيار الطرق السهلة للوصول إلى المهمة المطلوبة للدرس والهدف المنشود فضلاً عن ثقافته وإلمامه لما كلف به , كثيراً ما نشاهد ذلك الضعف جلياً أمام أعيننا ونحن نشاهد أسلوبه في التعامل مع التلاميذ وهو يحاول الوصول إلى جو الدرس أو المادة عموماً ولكن لا يستطيع ذلك يبقى فارق الخبرة تخونه وتخدم المدرس , الذي دائماً لا يرضى ذلك التعامل الممل لطلابه من قبل المشرف الذي لم يستطع توظيف خبراته قصيرة المدى في تفاعلهم مع مناقشته , ثم يكون المعلم هو الضحية وكبش الفداء لذلك المشرف ,, وإنني إذ أتسأل :
لماذا لا يكون هناك مناقشة حول ملاحظات المشرف بينه وبين المعلم ,ويحق للمعلم إبداء رأيه حيال ذلك ؟!
لماذا لا يحق للمعلم أن يوجه المشرف ببعض السلبيات التي صدرت منه أثناء الزيارة ,إن وجد ذلك ؟! وإني لأظنها كثيرة!
لماذا لا توحد وجهات النظر بين المشرفين فنجد التناقض واضح بين ما يطلبه مشرف وآخر في نفس التخصص من المعلم ,فعندما يتقيد المعلم بما وجهه إليه المشرف ,يأتي آخر ويذكر ذلك من السلبيات , ويبقى المعلم يسبح في بحر السلبيات ,
———–
ترقبوا سلسلة حلقات
(يوميات معلم ُمرهق ,بقرارات مُرهـِقة)

بقلم/ عيسى مبهي

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.